[center]
الأمل روح الحياة
لله على الناس نعمتان لا يطيب بدونهما العيش ، ولا يبلغ بدونهما العمر : النسيان والأمل .
فالأمل هذا المفهوم الواسع الذي يكمن فيه مدد الرجاء وتندمل به الجفون القريحة ، وتلتئم به القلوب الجريحة ، فلا نبتئس اذا ما تكدرت صفوة أيامنا بعض السحابات العابرة من عثرات الدهر فلا بد معها بصيص من الأمل الموعود ...
فطير الكروان يموت فرخه في المساء ، وفي الصباح يرقص ويصدح ، والشاة يذبح حملها في الحظيرة ، وفي المروج تعثوا وتمرح ، والوالد يتعبه بعد ولده لكن لا يكل ولا يمل ،
كما يعيش النهر الناضب في ارتقاب الفيضان ...والروض الذابل في انتظار الربيع .
أما النعمة الثانية نعمة النسيان ...
فماذا كان يصنع الأسى بالقلوب الوالهة إذا لم يمح النسيان من الذهن صورة العزيزالراحل أو الهاجر فلنتصور دوام هذه النار على نياط القلب وأعصاب الجسد ، ثم نقَدَّر في أنفسنا الحياة على هذه الصورة ، لكنها والحمد لله لا تدوم ، ولا يبقى من المفقود إلا صورة لا تنطق ، ولا من الجراح إلا ندبة لا تحس .
وماذا كان يفعل اليأس بالنفوس المكروبة إذا لم يفتح الأمل أمامها فرجة في الأفق المُطْبق ، وفسحة من الغد المجهول ...