لم تكن تصدق الطفلة الصغيرة عبير التي لم يتجاوز عمرها السنوات العشر الخبر الذي ابلغتها به الأم بأنها ستكون بصحبتها غدا لزيارة والدها السجين في سجن النقب الصحراوي امضت ليلتها غير مصدقة وهي تسأل امها بعد كم ساعة سنري ابي؟
وهل سيتذكرني ابي حين يراني؟ انا اعرفه من صوره عندما اراه سأعرفه لوحدي سوف اجعله يعود معنا.كان المشهد في معتقل النقب مقبض جنود مدججين بالاسلحة وأجراءات أمن وتفتيش قاسية طالت كل شيء حتي حذاء الطفلة الصغيرة اخذه الحراس لفحصه في اجهزة المفرقعات, ودهشة الطفلة مما تري ولهفتها علي رؤية أبيها اطبقت عليها بالصمت وراحت تمتثل لاوامر الجنود حتي حانت اللحظة التي دخلت فيها لترتمي في حضن والدها وهي تجهز نفسها لمعرفته لوحدها, واذا بها تجد نفسها امام شباك حديدية بعدها طريق حوالي مترين ثم شباك اخري خلفها وجه لا تعرفه يناديها عبير عبير فجأة صرخت الصغيرة في هيستيرية وكفها الصغير يمسك بالشباك الحديدية في محاولة لخلعها والوصول الي ابيها ولكن كان هذا الامر الواقع الذي لم تقوي الطفلة علي احتماله.
كان همها اكبر من سنوات عمرها العشر ولا يعي عقلها معني كلمة اسرائيل واحتلال وامر واقع عادت صامتة صمت بدا معها بعد فشلها في محاولة نزع الشباك الحديدية حتي انها لم تلوح لوالدها بالسلام عند المغادرة بل نظرت الي وجهه كثيرا ثم استدارت وانصرفت لم تنس الصغيرة قسوة التجربة ولم تنخرط مع الاطفال في مثل عمرها الغض بل انطوت علي مأساتها واكتئبت بطريقة وصفها الاطباء بالاكتئاب العميق الذي يبدأ بالصمت والامتناع عن الطعام ثم فقد القدرة علي الحركة والاعياء الشديد الذي يقود حتما الي الموت. كانت الطفلة عبير الاسكافي اضعف من ان تحتمل مرارة التجربة القاسية التي مرت بها عند زيارتها الي والدها يوسف السكافي الذي يقضي عقوبة السجن'86 عاما' في معتقل النقب الصحراوي.
فارقت الطفلة الفلسطينية عبير السكافي الحياة قبل أن تحقق أمنيتها بمعانقة والدها الأسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي, توفيت بعد دخولها في غيبوبة اثر صدمة عصبية بعد ان ظلت ما يقرب من اسبوعين تعاني من بعض الانفعالات العصبية في مستشفي عالية الحكومي بمحافظة الخليل.