دروس ليالي رمضان: ست ضمانات لحفظ المجتمع من الزنا من خلال سورة النور19رمضان 1435 / 17 يوليوز 2014
محمد زراك إمام وخطيب المسجد الكبير بأولاد برحيل المغرب اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، اللهم ارحمنا بالمرحوم فينا، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وسائر اعمالنا يا رب العالمين . أيها المؤمنون! كنا البارحة في رحاب تفسير قوله سبحانه وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً.فتعالوا بنا الليلة نقف بكم مع سورة من سور القرآن الكريمات، وسنحاول أن نصل بها إلى قلوبنا حتى تطمئن وتزداد إيمانا وهذه السورة هي سورة النور وكمقدمة لهذه السورة أقول: إن فاحشة الزنا من أكبر الجرائم وأخطرها, حرمتها الديانات السماوية كلها، لما فيها من مفاسد وخيمة، تلحق الأسرة والأبناء والأنساب والأرحام, وهذه الجريمة أصبحت منتشرة في هذا الزمان والعياذ بالله, وسورة النور وضعت حلا لهذه الفاحشة ولهذه الجريمة، لأنها تنظم علاقتنا داخل بيوتنا، وعلاقتنا خارج بيوتنا، حتى نصل في مجتمعنا إلى مستوى من الصلاح والفضيلة، ونطهره من الفساد والرذيلة.وهذه السورة بدأت ببداية شديدة قوية، غير معهودة من السور القرآنية، قال سبحانه: سُورَةٌ أَنزَلْنَـٰهَا وَفَرَضْنَـٰهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا ءايَـٰتٍ بَيّنَـٰتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ هذه بداية شديدة وقوية، لأن كل السور أنزلت وفرضت، أتدرون لماذا بدأت السورة بهذه البداية؟ لأنها وضعت ضمانات شديدة لحماية المجتمع من الزنا، فكان لا بد لهذه الضمانات من مقدّمة قوية، للانتباه إلى أهمية الأحكام القادمة، فلو وقع أحدٌ في هذه الجريمة بعد كل هذه الضمانات والضوابط التي ذكرت في السورة، فلا بد له من عقوبة ، ولذلك قال ربنا: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ الجلد 100 جلدة لغير المتزوجين، وأما المتزوجون فالرجم حتى الموت، لأن هناك آية نسخت رسما وبقي حكمها ألا وهي قوله سبحانه (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما)وهذه الضمانات التي وضعتها السورة هي ستة أمور وهي كالسياج الذي يحفظ المجتمع وأهله من الوقوع في الفاحشة، ويحافظ على نقاوة المجتمع وطهارته وعفته.وأول هذه الضمانات :الاستئذان: يقول تعالى: (يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلّمُواْ عَلَىٰ أَهْلِهَا ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فِيهَا أَحَداً فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمُ وَإِن قِيلَ لَكُمْ ٱرْجِعُواْ فَٱرْجِعُواْ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَٱلله بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وفائدة الاستئذان صيانة حرمات البيوت، فقد (كان r إذا أتى باب قوم يستأذن ولا يستقبل الباب من تلقاء وجهه ولكن يقف في ركنه الأيمن أو الأيسر) و(كان رجل ينظر الى النبي r من وراء الباب، فقال له r:لو أعلم أنك تنظر لطعنتك بهذا المشط في عينك) وعلى الأولاد أن لا يدخلوا على الوالدين في أي وقت يشاؤون بلا استئذان، فربما تعرى الانسان وانكشف فيطلع الأولاد على شيء غير مناسبٍ ، قال سبحانه: :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ كما ان هذه الآية أشارت إلى أفضل أوقات الراحة بين الزوجين ، وهي ثلاثة: قبل صلاة الفجر ووقت الظهر وبعد العشاء.
وثاني هذه الضمانات: غض البصر: وذلك حفاظ على المجتمع مما يؤدي إلى الفاحشة، وإطلاق النظر بحيث لا يبالي صاحبه بالحلال والحرام، ينظر الى مفاتن النساء الكاسيات العاريات المائلات المميلات، لهو أوسع باب يدخل منه إبليس ليفسد على الإنسان دينه ودنياه، والرسول r يقول: "النظرة سهم مسموم من سهام إبليس ، من تركها مخافة الله، أبدله الله إيمانا يجد حلاوته في قلبه" وقد تفنن الشعراء في التحذير من النظر الى المحرمات، فقال بعضهم:
كل الحوادث مبداها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فعلت في قلب صاحبها فعل السهام بلا قوس ولا وثر
وقال آخر
نظَرُ العيون إلى العيون هو الذي جعل الهلاك إلى الفؤاد سبيلا
والـمرء مادام ذا عين يقلبها في أعين الغيد موقوف على الخطر
وديننا الإسلامي الحنيف يعتبر النظر إلى المحرمات زنى يقول الرسولr"العينان تزنيان وزناهما النظر" وإنما سماهr زنى لأنه نوع من التمتع بغير الطريق المشروع، ولذلك قرن البصر بالفرج في هذه الآية:قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ والأمر بغض البصر والعفة ليس فقط للرجال والشباب، لكنه موجه أيضاً للنساء بنفس الكلمات الخطاب.
وثالث هذه الضمانات: تزويج الشباب أن نساعد الشباب على الزواج ، وهذا من أهم الضمانات التي قدمتها هذه السورة لحفظ المجتمع من الفاحشة يقول سبحانه وَأَنْكِحُواْ ٱلأَيَـٰمَىٰ مِنْكُمْ وَٱلصَّـٰلِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ ومن كانت عنده مشكلة تمنعه من الزواج كالفقر والبطالة ونحو ذلك فلا يلتفت لها، وليتوكل على الله ويتزوج، فسيغنيه الله من فضله، يقول سبحانه: إن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ وقال rثلاثةٌ (حقٌ على الله عونهم : المكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف ، والمجاهد في سبيل الله) فالزواج باب من أبواب الرزق والخيرات، ومفتاح من مفاتيح التيسير والبركات، وبعد سماع هذا هل يتردد أعزب عن الزواج؟ أو هل يتردد ولي فتاة عن تزويجها ؟ تحت وطأة الاختيارات, فترفض هذا لأنه لا يملك المنزل اللائق، وذلك لأنه لا يملك سيارة أنيقة، وذلك لأنه فقير أو دخله محدود، وبين الانتظار والبحث عن فارس الأحلام الذي قد يكون وقد لا يكون، تجتاز الفتاة سن الثلاثين. فالله الله في فتيانكم وفتياتكم، فالله الله في بناتكم وأبنائكم، يسّروا أمر الزواج ولا تعسروه، إن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ وكما قلت لكم في البداية: سورة النور وضعت ضمانات ستة وهي كالسياج الذي يحفظ المجتمع وأهله من الوقوع في الفاحشة، ويحافظ على نقاوة المجتمع وطهارته وعفته، وقد تحدثنا اليوم على ثلاثة، أما بقية الضمانات، فستأتي غدا إن شاء الله تعالى.أيها الاخوة المؤمنون! (كان رسول الله r اذا دخل العشر الأواخر أحيا ليله وشد مئزره وأيقظ أهله) واقتداء بالنبي r نبدأ اليوم ان شاء الله صلاة القيام وسنبدأ على الساعة الثانية وخمسين دقيقةصباحا، وسنختم قبل وقت السحور لنترك الوقت للناس ليتسحروا، فهنيئاً لكل مسلمة ومسلم يتعِب قدميه في القيام، وهنيئا لكل مسلم يسمع كلام الله ، وهنيئاً له السجود والركوع (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه آمين 
موضوع: دروس ليالي رمضان: ست ضمانات لحفظ المجتمع من الزنا من خلال سورة النور 
الجمعة يوليو 18, 2014 1:12 am
