زراك محمد عضو جديد
الجنس : عدد المساهمات : 53 تاريخ التسجيل : 26/07/2013
| موضوع: دروس ليالي رمضان: تأملات في سورة الأنفال الثلاثاء يوليو 15, 2014 10:58 pm | |
| دروس ليالي رمضان: تأملات في سورة الأنفال17رمضان 1435 / 15 يوليوز 2014 محمد زراك إمام وخطيب المسجد الكبير بأولاد برحيل المغرب اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، اللهم ارحمنا بالمرحوم فينا، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وسائر اعمالنا يا رب العالمين .[rtl] أيها المؤمنون! كنا البارحة في رحاب تفسير قوله سبحانه } ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ{ فتعالوا بنا الليلة نقف بكم مع سورة من سور القرآن الكريمات، وسنحاول أن نصل بها إلى قلوبنا حتى تطمئن وتزداد إيمانا وهذه السورة هي سورة الأنفال.[/rtl] [rtl] وسبب اختياري لهذه السورة هو: أننا في اليوم السابع عشر من رمضان، وفي مثل هذا اليوم وقعت غزوة بدر الكبرى،تلكم الغزوة التي انتصر فيها المسلمون رغم قلة عددهم: 314 مقاتلا، أمام جيش من المشركين: 900 مقاتلا، مجهزين بأحدث الأسلحة آنذاك، بينما من المسلمين من كان سلاحه عصا في يده، ورغم ذلك انتصر المسلمون فحصدوا من المشركين سبعين قتيلا وسبعين أسيرا، أغلبهم زعماء ورؤساء.[/rtl] [rtl] وسورة الأنفال نزلت كلها بعد غزوة بدر للتعقيب عليها، لذلك سماها بعض العلماء (سورة بدر) لأن السورة تتناول غزوة بدر! [/rtl] [rtl] ومما جاء فيها: إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ الأنفال{ ما علاقة النعاس ونزول الماء من السماء بالنصر ؟ الجواب: لو أن أحدنا لديه عمل هام، فنام ساعتين مثلا، ثم قام فاغتسل فسيستعيد نشاطه وقوته! وهذا هو ما حدث للصحابة قبل انطلاق المعركة. (النوم والاغتسال)[/rtl] [rtl] وقوله سبحانه: وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ{ كان المطر ينزل عند المؤمنين خفيفا فتثبت الأرض إذا مشوا عليها وتزيدهم سرعة وخفة، وينزل عند الكافرين غزيراً فتوحِل الأرض وتثقل حركتهم! [/rtl] [rtl] وقال سبحانه: وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولً : يقول ابن مسعود y : نرى المشركين قليلين حتى قلت لرجل بجانبي أتراهم سبعين؟ قال : أراهم مائة ، فأسرنا رجلا فقلنا كم كنتم؟ قال : ألفا [/rtl] [rtl] وقال سبحانه: وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ اخذ الرسول r قبضة من تراب ورمى بها المشركين، فلم يبق أحد منهم إلا أوصل الله ذلك التراب إلى عينيه.[/rtl] [rtl] وقال سبحانه: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ{ } إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ۚ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ{ ويقول النبي r (الله أكبر! أرى جبريل آخذا بعنان فرسه، معه ألف من الملائكة يقودهم) يقول أحد الصحابة: (هممت أن أقطع رقبة رجل من الكفار، فإذا بها طارت قبل أن أصل إليها!) لأن أحد الملائكة سبقه إليه! وغير ذلك من الايات التي تصور مشاهد من غزوة بدر.[/rtl] أيها المؤمنون! بعدما نصر الله المسلمين في هذه الغزوة انقسموا إلى ثلاثة أقسام: قسم بقي يحرس النبي r خوفاً عليه من أن يأتيه أحد من المشركين.وقسم تبع المشركين بعد هروبهم.وقسم يجمع الغنائم. وهنا وقعت خصومة شديدة بين المسلمين في الغنائم، فهل الأولى بها من حرس النبي عليه الصلاة والسلام، أم من جمعها، أم من تبع المشركين؟فلما اختصموا جاؤوا إلى النبي r يسألونه، فقال الله سبحانه: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ والأنفال معناها الغنائم، أي يسألونك عن كيفية تقسيم الغنائم،والجواب على سؤالهم لم يأت بعد السؤال مباشرةً،كما هي عادة القرآن، وإنما جاء الجواب في الآية 41 }وَٱعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مّن شَىْء فَأَنَّ لله خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَـٰمَىٰ واليتمى والمساكين وابن السبيل{وسبب تأخير الإجابة أنهم حين سألوا السؤال قد اختلفوا واشتعلت العداوة والخصومة بينهم بسبب المال، فأعلمهم الله أن هناك شيء أهم من تقسيم الغنائم، وهو: اصلاح ذات البين ، ان يتصالح المتخاصمون وترجع الأخوة والمحبة بينهم، قال سبحانه:يسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ۖ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ{ وهذا من لطائف القرآن في التربية في صرف أنظارهم عن المال، وتوجيهها إلى ضرورة اصلاح ذات البين وترسيخ الأخوة والمحبة بين الناس.أيها المؤمنون! كان من هدي رسول اللهr يصلح بين المتخاصمين، ويباشر الصلح بنفسه، ويقول r : "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة ؟ قالوا بلى قال : إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة ، لا أقول : تحلق الشعر ولكن تحلق الدين)فعلينا جميعا أن نتقي الله ونصلح ذات بيننا، وميادين الصلح كثيرة جدا وإليكم بعضها:منها: بين الأفراد والجماعات ، اختصم مرة أَهْل قُبَاءٍ واقْتَتَلُوا حَتَّى تَرَامَوْا بِالْحِجَارَةِ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ r بِذَلِكَ فَقَالَ : اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُم. ومنها: بين الأزواج ، في أحد الأيام وقع سوء تفاهم بين سيدنا علي وزوجته فاطمة رضي الله عنهما، فجَاءَ الرسول r إلى بَيْت ابنته فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ زوجها عَلِيًّا فِي الْبَيْتِ،فَقَالَ : أَيْنَ ابْنُ عَمِّك ؟ِ قَالَت: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ فَغَاضَبَنِي فَخَرَجَ من البيت، فبحث عنه النبي y فوجده مضطجعا في الْمَسْجِدِ وقد امتلأت ملابسه بالتراب، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ r يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَيَقُولُ: قُمْ أَبَا تُرَابٍ ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ " فأصلح النبي r بينه وبين زوجته. ومن ميادين الصلح: بين المتداينين ،فهذا كَعْب بن مالك طلب من ابْن أَبِي حَدْرَدٍ أن يرد دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ ،فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ r وَهُوَ فِي بَيْتٍه فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا فَنَادَى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ فَقَالَ : يَا كَعْبُ فَقَالَ : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّه، ِ فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ ضَعْ الشَّطْرَ فَقَالَ كَعْب: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r للآخر : قُمْ فَاقْضِه. ومنها: بين الأقارب والأرحام ، حُدِّثَتْ أمنا عَائِشَةَ tأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ فِي عَطَاءٍ أَعْطَتْهُ عَائِشَةُ :وَاللَّهِ لَتَنْتَهِيَنَّ عَائِشَةُ أَوْ لأحْجُرَنَّ عَلَيْهَا (وهي خالته أي سيمنعها من التصرف في مالها) فَقَالَتْ أَهُوَ قَالَ هَذَا ؟ قَالُوا : نَعَم. قَالَتْ عائشة: هُوَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ لا أُكَلِّمَ عبد الله ابْنَ الزُّبَيْرِ أَبَدًا ،فَطَالَتْ الْهِجْرَةُ فطلب ابن الزبير المسامحة فَقَالَتْ :لا وَاللَّهِ، فطلب ابْن الزُّبَيْرِ رجلين من أقاربها أن يدخلاه على أمنا عائشة، فلما دخل اعْتَنَقَ عَائِشَةَ وَيَبْكِي إلا أنها أبت أن تكلمه، فَلَمَّا أَكْثَر الرجلان عَلَى عَائِشَةَ مِنْ التَّذْكِرَةِ وَالتَّحْرِيجِ: سامحت ابْنَ الزُّبَيْرِ وَأَعْتَقَتْ فِي نَذْرِهَا ذَلِكَ أَرْبَعِينَ رَقَبَةً وَكَانَتْ تَذْكُرُ نَذْرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَتَبْكِي حَتَّى تَبُلَّ دُمُوعُهَا خِمَارَهَا. أيه المؤمنون }فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم{ فكل مسلم مكلف بتنفيذ مضمون هذه الآية، ولكن هذا التنفيذ، بختلف باختلاف الناس، فإذا كان الخلاف بين أفراد الأسرة، بين الأخ وأخيه مثلا، كان الاصلاح واجب الأب والأم، وإذا كان الخلاف بين الزوجين فالإصلاح واجب على حَكَمٍ من أهله وحكم من أهلها، وإذا كان الخلاف بين الجيران فالإصلاح واجب على الجيران الآخرين، وإذا كان الخلاف بين الصديقين أو الشريكين فالإصلاح واجب على معارفهم وأصدقائهم، وإذا كان الخلاف بين الأقارب والأرحام، فالإصلاح واجب ذوي الرأي من الأقرباء. فعلى المسلم أن يكون سباقا إلى مثل هذه الخيرات، التي تكسبه المنزلة الرفيعة عند الله سبحانه، اللهم أصلح ذات بيننا اللهم اجعلنا من الصالحين المصلحين اللهم اجعلنا يوم الفزع الأكبر من الآمنين, ولحوض نبيك من الواردين, ولكأسه من الشاربين, وعلى الصراط من العابرين,وعن النار مزحزحين, وإلى جناتك من الداخلين, وإلى وجهك الكريم من الناظرين. | |
|