[تفسير سورة العصر]

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام المرسلين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد :

فعملاً بقول الحبيب صلى الله عليه وسلم : [ بلغوا عني ولو آية... ] [1].
أقدم للإخوة هذا التفسير لسورة عظيمة قال فيها الإمام الشافعي - رحمه الله - : " لو ما أنزل الله على خلقه حجة إلا هذه السورة لكفتهم"، سورة العصر.
فنسأل الله جل وعلا التوفيق والسداد.

- قال تعالى : [ وَالْعَصْرِ ] [2].
أقسم جل وعلا بالعصر، وقد اختلف العلماء في معنى العصر :
فقيل هو ساعة من ساعات النهار: وهو قول ابن عباس رواه عنه ابن جرير.
وقيل العشي: وهو قول الحسن رواه عنه ابن جرير وزيد ابن أسلم رواه عنه ابن كثير .
وقيل الزمان الذي يقع فيه حركات بني آدم من خير أو شر: وهو قول ابن كثير.
وقيل الدهر: وهو قول القرطبي والشوكاني.
وعند النظر إلى كلام العلماء في العصر تجد أن الاختلاف ليس اختلاف تضاد إنما اختلاف تنوع.
قال ابن جرير : والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن ربنا أقسم بالعصر [ وَالْعَصْرِ ] [3] اسم للدهر وهو العشيء والليل والنهار ولم يخصص مما شمله هذا الاسم معنى دون معنى فكل ما لزمه هذا الاسم فداخل فيما أقسم به جل ثناؤه.

- قوله تعالى ذكره : [ إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ] [4]، هذا جواب القسم.
والإنسان يعني بها جنس الناس قاله القرطبي رحمه الله.
قال ابن جرير : ابن آدم لفي هلكة ونقصان، وقال ابن كثير : أي في خسارة وهلاك.
قال السعدي رحمه الله تعالى : والخاسر ضد الرابح، والخسار مراتب متعددة ومتفاوتة قد يكون خساراً مطلقاً كحال من خسر الدنيا والآخرة وفاته النعيم واستحق الجحيم. وقد يكون خاسراً من بعض الوجوه دون بعض ولهذا عمم الله الخسار لكل إنسان.

- قوله تعالى : [ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ] [5].
قال ابن جرير : إلا الذين صدقوا الله وحدوه وأقروا له بالوحدانية والطاعة وعملوا الصالحات وأدوا ما لزمهم من فرائضه واجتنبوا ما نهاهم عنه من معاصيه واستثنى الذين آمنوا عن الإنسان لأن الإنسان بمعنى الجمع لا بمعنى الواحد . اهـ
وقال ابن كثير : فاستثنى من جنس الإنسان عن الخسران الذين آمنوا بقلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم. اهـ
وقال الشوكاني : أي جمعوا بين الإيمان بالله والعمل الصالح فإنهم في ربح لا في خسر لأنهم عملوا للآخرة ولم تشغلهم أعمال الدنيا عنها والاستثناء متصل ومن قال : إن المراد بالإنسان الكافر فقط فيكون منقطعا ويدخل تحت هذا الاستثناء كل مؤمن ومؤمنة ولا وجه لما قيل من أن المراد الصحابة أو بعضهم فإن اللفظ عام لا يخرج عنه أحد ممن يتصف بالإيمان والعمل الصالح. اهـ
وقال السعدي : الإيمان بما أمر الله بالإيمان به، ولا يكون الإيمان إلا بالعلم فهو فرع لا يتم إلا به، والعمل الصالح وهذا شامل لأفعال الخير كلها الظاهرة والباطنة المتعلقة بحق الله وحق عباده. اهـ

- قوله تعالى : [ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ] [6].
قال قتادة والحسن الحق كتاب الله رواهما ابن جرير.
وقال بن جرير : يقول : وأوصى بعضهم بعضا بلزوم العمل بما أنزل الله في كتابه من أمره واجتناب ما نهى عنه فيه.
وقال ابن كثير : وهو أداء الطاعات وترك المحرمات.
وقال القرطبي : ومعنى [ وَتَوَاصَوْا ] [7] أي تحابوا أوصى بعضهم بعضا وحث بعضهم بعضا [ بِالْحَقِّ ] [8] أي بالتوحيد.
وقال الشوكاني : أي وصى بعضهم بعضا بالحق الذي يحق القيام به وهو الإيمان بالله والتوحيد والقيام بما شرعه الله واجتناب ما نهى عنه.
قال قتادة : بالحق : أي بالقرآن وقيل بالتوحيد والحمل على العموم أولى.
وقال السعدي : والتواصي بالحق الذي هو الإيمان والعمل الصالح أي يوصي بعضهم بعضاً بذلك ويحثه عليه ويرغبه فيه .
والتواصي بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل مسلم يعلم حكم المسألة التي يريد أي يوصي بها أو حكم الشئ الذي يريد إنكاره، وهذا الأمر - والتواصي بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – قد جعله الله سمة لخير الأمم قال تعالى : [ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ] [9]، وقال صلى الله عليه وسلم : [ من رأى منكم منكرا، فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان] [10].

- قوله تعالى : [ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ] [11].
قال قتادة والحسن الصبر طاعة الله راوهما ابن جرير.
وقال ابن جرير : يقول : وأوصى بعضهم بعضا بالصبر على العمل بطاعة الله.
وقال ابن كثير : أي على المصائب والأقدار وأذى من يؤذي ممن يأمرونه بالمعروف وينهونه عن المنكر آخر تفسير سورة العصر ولله الحمد والمنة.
وقال القرطبي : [ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ] [12] على طاعة الله عز وجل الصبر عن معاصيه وقد تقدم والله أعلم.
وقال الشوكاني : أي بالصبر عن معاصي الله سبحانه والصبر على فرائضه وفي جعل التواصي بالصبر قرينا للتواصي بالحق دليل على عظيم قدره وفخامة شرفه ومزيد ثواب الصابرين على ما يحق الصبر عليه [ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ] [13]، وأيضا التواصي بالصبر مما يندرج تحت التواصي بالحق فإفراده بالذكر وتخصيصه بالنص عليه من أعظم الأدلة الدالة على إنافته على خصال الحق ومزيد شرفه عليها وارتفاع طبقته عنها.
وقال السعدي : والتواصي بالصبر على طاعة الله وعن معصية الله وعلى أقدار الله المؤلمة .
وقال السعدي : فبالأمرين الأولين يكمل الإنسان نفسه وبالأمرين الأخيرين يكمل غيره وبتكميل الأمور الأربعة يكون الإنسان قد سلم من الخسار وفاز بالربح العظيم.اهـ


وهذا وقد تم المقصود .
أسأل الله القبول والسداد وأسأله أن يجعل هذا المقال حجة لي يوم القيامة وأن ينفع به غيري آمين.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

بارك الله فيك اخي

ابو مصعب

وجزاك الله خيرا

نورت الموضوع

اخي الغالي

شكرا على المرور

بارك الله فيك

وجزاك الله خير

بارك الله فيك اخي

ابو مصعب

وجزاك الله خيرا

يسلمو اخوان على المرور

شكرا اختي نهلة على المرور نورتي الموضوع

بارك الله فيك اخي

وعندي اضافة بسيطة اذا تسمح لي اخي

الفوائد المختارة من سورة العصر

الفائدة الاوالى:ان الله تعالى يقسم بما يشاء وكيف ما يشاء

اما الانسان فلا يجوز له ان يقسم الا بالله تعالى

لا يقسم بالنبي ولابالولي

اما القسم بكتاب الله تعالى فالراجح انه يجوز القسم به

لانه صفة من صفات الله تعالى

الفائدة الثانية:ان الله تعالى يقسم لغاية عظيمة

الا وهي ان الامر الذي بعد القسم مهم جدا يجب ان ننتبه له

ونصغي اليه ونعمل به

الفائدة الثالثة:الامر المهم الذي اقسم الله تعالى من اجله

هو خسارة الانسان (كل الانسان)الا من اتصف باربعة صفات

العلم...العمل به...الدعوة اليه...الصبر على الاذى فيه

وهناك فوائد كثيرا لا استطيع حصرها هنا

بارك الله فيك اخي

ونفع بك

جزاك الله خير اخي حامل المسك

على الضافى الجميلة

ربي ما يحرمني منكككككككككككككككككككككككك

جزاك الله الخير

موضوع مفيد

نورت الموضوع اخي شكرا على مرورك الجميللللللل

بارك الله فيك اخي

ابو مصعب

وجزاك الله خيرا

شكرا اخي على مرورك العطر