الحَمْدُ لله حَمْدًا طِيبًا مُبَارَكًا فِيهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إلاَّ اللَّه وَحَدَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدَهُ وَرَسُولَهُ، المُصْطَفَى مِنْ البَشَرِ خَيْرُ مَنْ سَارْ بِهَا قَدَمٌ، الشَّفِيعُ لِأُمَّةِ الإِسْلَامِ وَفِي يَوْمِ المَحْشَرِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلُهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلِّمْ تَسْلِيمًا كَثِيرا.
أَمَّا بَعْدُ:
عَبَّادَ اللهِ! اِتَّقَوْا اللهَ جَلَّ فِي عُلَّاهُ، وَأَعْلَمُوا أَنَّ فِي القُدْوَاتِ خَيْرًا كَثِيرًا وَاللّهُ جَعَلَ لِكُلِّ أُمَّةِ قُدْوَةٍ وَلِكُلِّ تَارِيخٍ يُحْمَلُ لَهُ رِجَالُ هَذَا الدِّينِ كَمَا أَخْبَرَ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَحْمِلُ هَذَا العِلمَ مِن كُلِ خَلْفٍ عُدُو لُهُ» ([url=file:///E:/%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF %D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A/%D8%AE%D8%B7%D8%A8 %D9%85%D9%81%D8%B1%D8%BA%D8%A9/%D8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B6%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%84.doc#_ftn1][sup][1][/url])[/sup]، وَقَالَ البَارِيِ جَلَّ وَعَلَّا:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}([url=file:///E:/%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF %D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A/%D8%AE%D8%B7%D8%A8 %D9%85%D9%81%D8%B1%D8%BA%D8%A9/%D8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B6%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%84.doc#_ftn2][sup][2][/url])[/sup].
وَقَاَلَ سُبْحَانَهُ:
{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}([url=file:///E:/%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF %D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A/%D8%AE%D8%B7%D8%A8 %D9%85%D9%81%D8%B1%D8%BA%D8%A9/%D8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B6%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%84.doc#_ftn3][sup][3][/url])[/sup]
نَأْتِي فِي هَذَا اليَوْمِ إِلَى شَخْصِيَّةٍ بَارِزَةٍ فِي تَارِيخِ الإِسْلَامِ، هَذِهِ الشَّخْصِيَّةُ عَاشَتْ كَمَا تَعِيشُ أُمَتُنَا اليَوْمَ؛ حَيْثُ تَكَالُمِ الأَعْدَاءِ مِنْ المَشْرِقِ وَالمُغْرِبِ، وَكَيْفَ ثَبُتَ ذَلِكَ الإِمَامُ، وَكَيْفَ كَانَ رَبَانِيًا فِي عَمَلِهِ، رَبَانِيًا فِي قَوْلِهِ، صَاحِبَ زُهْدٍ وَإِخْلَاصٍ وَتَقْوَى، كَيْفَ نَفِدَتْ كَلِمَتُهُ، وَوصَلَتْ إِلَى المُلُوكِ وَالسَّلَاطِينِ، وَاِجْتَمَعَ حَوَلَهُ النَّاسُ لَأَنَّ هَذَا الإِمَامَ كَانَ يَعِيشُ مَعَ النَّاسِ رَجْلُ عَامَّةٍ وَلَيْسَ رَجُلُ دَوْلَةٍ، رَجُلُ مِلَّةٍ وَلَيْسَ رَجُلُ سُلْطَانٍ، يَنْظُرُ إِلَى حَاجَاتِ النَّاسِ فَيَقْضِيهَا، وَيَنْظُرُ إِلَى هُمُومِهُمْ فَيَسْعَى فِي رَفْعِهَا، هَذَا الإِمَامُ النِبْرَاس عَالِمٌ جَلِيلٌ كُتُبَهُ فِي كُلِ مَسْجِدٍ وَفِي كُلِ دَوْلَةٍ وَفِي كُلِ بَلَدٍ، أُحَيْيِكَ يَا شَيْخَ البُطُولَةِ وَالفِدَاء، وَأَرْجُو مِنْكَ أَنْ تَسْمَحَ لِنَا بِالتَّكَلُّمِ، مَا عَسَانِي أَنْ أَقُولَ وَأَتَكَلَّمُ عَنْ شَيْخِ الإِسْلَامِ/ أَحْمَدُ بِنْ عَبْد الحَلِيمِ بِنْ عَبْد السَلَامِ الحَرَانِي الدِمَشْقِيُ، هَذَا الإِمَامُ الَّذِي وَقَفَ وَقَفَاتٍ، فَالرِّجَالُ مَوَاقِفُ، وَكَتَبَتْ لَهُ الكُتُبَ وَالتَّارِيخُ حَتَّى صُنِفَ فِيهِ المِئَاتِ مِنْ الكُتُبِ.
هَذَا الإِمَامُ أُلِفَ فِيهِ فِي رَسَائِلِ المَاجِسْتِيرِ وَالدُّكْتُورَاه إِلَى أَكْثَرَ مِنْ أَلِفِ رِسَالَةٍ كُتِبَتْ عَنْ هَذَا الإِمَامِ؛ رِسَالَةٌ فِي العَقِيدَةِ، وَرِسَالَةٌ فِي الَفِّقْهُ، وَرِسَالَةٌ فِي اللُّغَةِ، وَرِسَالَةٌ فِي المَنْطِقِ، وَرِسَالَةٌ فِي الفَلَسِفَةِ، وَرِسَالَةٌ فِي الرَّدِ عَلَى المَلَاحِدَةِ، وَرِسَالَةٌ وَرِسَالَةٌ.. اِحْسِبْ يَا عَبْدَ الله مَا شِئْتُ، فَتْحُ اللهُ، عِلْمُ اللهِ يُؤْتِيِه مَنْ يَشَاءُ مِنْ عَبَّادِهِ.. هَذَا الرَّجُلُ كَانَ يَصِيّحُ فِي النَّاسِ فَيَقُولُ: "أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّي رَجُلُ مِلَّةٍ، وَلَسْتُ رَجُلَ دَوْلَةٍ، إِنَّي رِجْلٌ عَامَّةٍ وَلَسْتُ رَجُلَ سُلْطَانٍ.
لَمَّا حَبَسَهُ الحَابِسُونَ ظُلْمًا فِي سِجْنِهِ قَالَ تِلْكَ المَقَالَاتِ النَّيِّرَةَ: "مَا يَفْعَلُ أَعْدَائِي بِي، أَنَا جَنَّتِي وَبُسْتَانِي فِي صَدْرِي، أَنَّى سِرْتُ فَهِيَ مَعَي، أَنَا قِلَّتَيْ شَهَادَةٍ، نَفْيِي سِيَاحَةٌ، سِجْنِي خُلُوةٌ" سِجْنِي خلوة مَعَ اللهِ جَلَّ وَعَلَا، ثُمَّ قَرَأَ الآيَاتِ:
{بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ}([url=file:///E:/%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF %D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A/%D8%AE%D8%B7%D8%A8 %D9%85%D9%81%D8%B1%D8%BA%D8%A9/%D8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B6%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%84.doc#_ftn4][sup][4][/url])[/sup]
وَصَلَتْ إِلَيْنَا عَشَرَاتُ الكُتُبِ وَمِئَاتِ المُؤَلَّفَاتِ مِنْ هَذَا الإِمَامِ وَلَمْ يَصِلْ لَدَيْنَّا كَمَا يَذْكُرُ أَهْلُ التَّارِيخِ إِلَّا عُشْرِ مِمَّا كَتَبَهُ مِنْ أَجْلِ كَثْرَةِ خُصُومِ أَعْدَاءِ المِلَّةِ وَالِدِينَ عَلَيْهِ مِنْ اللهِ الرَّحْمَةُ والرِضْوَانِ..
اِبْنُ تَيْمِيَّةُ شِيخُ الإِسْلَامِ، يَقُولُ عَنْ نَفْسِهُ: "مَا قَرَأَتْ شَيْئًا إِلَى اُنْتُقِشَ فِي ذِهْنِي مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ" حَفِظَ الكِتَابَ الكَرِيمَ وَهُوَ صَغِيرٌ، ثُمَّ طَلَبَ العِلْمُ وَتَكَرَّسَ، عَائِلَةٌ مُبَارَكَةٌ: أُمَّهُ عَالِمَةٌ، وَالِدَه قَاضِيًا، جَدَّه مُفْتِيًا، مِنْ بَيْتِ عِلْمٍ، ثُمَّ خَرَّجَ هَذَا الإِمَامُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ، فَإِذَا بِهِ يَخْرُجُ فِي عَصْرِ تَكَالَبَ فِيهِ الأَعْدَاءُ، التَتَارِ مِنْ المَشْرِقِ، المَغُولُ الهَمَجُ، وَإِذَا بالْنَّصَارىَ الْمَغُول أَيْضًا، النَصَارَى الحَمَلَاتِ الصَلِيبِيَةِ فِي أَرْضِ الشَّامِ، فِي أَرْضِ فِلَسْطِينَ..
ثُمَّ يَجْمَعُ النَّاسُ وَإِذَا بِالتَّهْدِيدِ يَأْتِي بالتَتَارِ عَلَى أَرْضِ الشَّامِ، وَبَدَأَ النَّاسُ يَهْرُبُونَ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، ثُمَّ وَقَفَ هَذَا الإِمَامُ فَأَفْتَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَخْرُجَ وَيَتْرُكُ النِّسَاءَ وَالأَطْفَالَ وَالضِعَافُ، بَلْ يَجِبُ عَلَى الجَمِيعِ أَنْ يَقِفُوا كَلِمَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى السُّلْطَانِ قَازَانَ فَيَقُولُ لَهُ: "أُخْرُجْ إِلَى النَّاسِ وَأْمُرْ بِالجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ"، فَيَقُولُ قَازَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ: "لَا أَسْتَطِيعُ أَمَامَ التَتَار"، قَالَ: أَعْلَمْ، وَأَنَا أُقْسِمُ بِاللّهِ أَنَّ اللهَ سَيَنْصُرُنَا، فَأَعْلَنَ قَازَانَ عَلَى تَخَوُّفٍ وَيَحْمِلُ الرَّايَةَ اِبْنُ تَيْمِيَّةُ شِيخَ الإِسْلَامُ، هَلْ اِكْتَفَى بِذَلِكَ؟ لَا. بَلْ ذَهَبَ إِلَى مَصْر-رحمة اللهُ عَلَيْهِ رَحْمَةُ وَاسِعَةً- وَدَخَلَ عَلَى النَّاصِرِ قَلاوُوُن وَعَلَى المُلُوكِ هُنَاكَ وَالسَّلَاطِينِ وَقَالَ: "إِنَّ أُمَّةَ الإِسْلَامِ يَسْتَنْجِدُونَ بِكُمْ وَهُمْ فِي أَرْضِ الشَّامِ، وَإِنَّ النُّصْرَةَ عَلَيْكُمْ وَاجِبَةٌ، كَيْفَ وَهُمْ دَاخِلُونَ مَعَكُمْ فِي المُلْكِ، كَيْفَ لَوْ لَمْ يَكُونُوا دَاخِلِينَ، فَنُصْرَةُ المُسْلِمِ وَاجِبَةٌ" فَمَا زَالَ بِهِمْ حَتَّى رَجَعَ بِجَيْشٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ يُعِينُونَ أَهْلَ الشَّامِ، ثُمَّ اِلْتَحَمُوا جَمِيعًا وَأَصْبَحَ جَيْشٌ وَاحِدٌ، أُهِّلُ الإِسْلَامِ ضِدَّ أَهْلِ التَتَارِ وَالكَفَرَةُ فِي جَبَلِ كَسْروَان، يَجْتَمِعُ مَعَهِمْ شَيْخُ الإِسْلَامِ، وَإِذَا بِهِ يَنْصَحُ هَذَا وَيَحُضُّ هَذَا وَيُعْلِنُ الجِهَادَ فِي هَذَا.
ثُمَّ يَأْتِي شَيْخُ الإِسْلَامِ إِلَى القَائِدِ، قَائِدُ المَعْرَكَةِ، وَهُنَا يَتَسَاءَلُ التَّارِيخُ: أَيْنَ كَانَ شَيْخُ الإِسْلَامِ وَقْتَ المَعْرَكَةِ؟ هَلْ كَانَ فِي بُرْجٍ عَالٍ؟ يَكْتَفِي بِالفَتَاوَى وَالتَّوْجِيهَاتِ؟ هَلْ كَانَ فِي زَيّ العُلَمَاءُ فَحَسَبَ؟ هَلْ كَانَ مَنْ أَهَّلَ الشَّارَاتِ وَالمَكَانَةَ؟.
قَالَ اِبْنُ القِيَمِ رَحِمَهُ الله: بَلْ رُؤِّيَ شَيْخِ الإِسْلَامِ شَاكِيَا سِلَاحُهُ، لَابِسًا أَدْرُعِه، نَازِلًا المَيْدَانِ، قَالَ لِلقَائِدِ: اِجْعَلْنِي فِي مَكَانِ المَوْتِ فِي المَعْرَكَةِ؛ هَذِهِ الشَّجَاعَةُ وَالاِسْتِقْلَالِيَّةُ الَّذِي كَانَ يَعِيشَهَا ذَلِكَ الإِمَامَ، قَالَ: مَكَانُ المَوْتِ فِي ذَلِكَ المَكَانِ يَا إِمَامُ، وَاِتَّقِ اللهُ أَلَّا تُصَابُ الأُمَّةُ فِي مَثَلِكَ، قَالَ: إِنَّ الحَيَاةَ حَيَاةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنَّ الشَّهَادَةَ مَطْلَبُ غَالِي..
وَإِذَا بِشَيْخِ الإِسْلَامِ يَخْتَفِي عَنْ الأَنْظَارِ، حَتَّى آخَرِ النَّهَارِ فَيَرَاهُ النَّاسُ وَهُوَ يَحُضُّ النَّاسَ عَلَى القِتَالِ وَالثَّبَاتِ وَالجِهَادِ فَيَأْتِي الأُمَرَاءَ مِنْ المُسْلِمِينَ يَقُولُونَ: أَبْشِرْ يَا شَيْخَ الإِسْلَامِ بِنَصْرِ اللهِ، أَبْشِرَ يَا شَيْخَ الإِسْلَامِ بِفَتْحِ اللهِ تَعَالَى، فَيَكْبِرُ، ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهُ، وَيَدْعُو عَلَى هَؤُلَاءِ، وَيَدْعُو لِلمُسْلِمِينَ، فَيَسْتَجِيبُ اللهُ دَعْوَتَهُ، وَيَبْرِ لَهُ قَسْمَهُ، فَيَرْجِعُ وَيَدْخُلُ إِلَى أَرْضِ دِمَشْقَ بِتَهْلِيلِ الفَاتِحِينَ، بِتَهْلِيلِ المُنْتَصِرِينَ، وَالنَّاسُ حَوْلَهُ يَجْتَمِعُونَ مِنْ كُلِ مَكَانٍ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّي رَجُلُ مِلَّةٍ وَلَسْتُ رَجُلَ دَوْلَةٍ..
هَذَا الإِمَامُ يَسِيِر- رَحْمَةُ اللهُ عَلَيْهِ رَحْمَةً وَاسِعَةً- فَيَدْخُلُ عَلَى أَحَدِ مُلُوكِ التَتَارِ هَذَا المُلْكِ وَهُوَ قَازَانُ دَخَلَ فِي الإِسْلَامِ وَكَانَ إِسْلَامُهُ ضَعِيفٌ، وَيَعْتَدِي عَلَى المُسْلِمِينَ، وَيَعْسُرُ، وَيَقْتُلُ، وَيَفْعَلُ مَا شَاءَ، ثُمَّ قَالَ اِبْنُ تَيْمِيَّةُ: "مَنْ يَذْهَبُ مَعَي إِلَى ذَلِكَ السُّلْطَانِ نَنْصَحَهُ لِلهِ تَعَالَى" فَذَهَبَ مَعَهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَقَالُوا: يَا اِبْنَ تَيْمِيَّةُ اهْدَأ، أَتَعِدُنَا بِالهُدُوءِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا وَصَلَ اِبْنُ تَيْمِيَّةُ شَيْخُ الإِسْلَامِ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ فِي قُوَّةٍ وَشَجَاعَةٍ وَيَقُولُ: أَنْتَ المُلْكُ الَّذِي تَدَعِي الإِسْلَامَ، وَلِدِيكَ مُفْتِينَ وَلِدِيكَ مَنْ يَنْصَحُ وَأَئِمَّةً وَمُؤَذِّنِينَ، وَإِنَّ وَالِدَكَ وَالجَدَّ فِيكُمْ كَانُوا كَفَار، فَكَانُوا خَيْرًا مِنْكَ عَهَدًا وَخَيَّرَا مِنْكَ وَفَاءًا، قَالَ: مَا أَصْنَعُ يَا اِبْنَ تَيمِيَة؟ قَالَ: ابْطِلْ المُكُوسَ وَارْفَعْ الضَّرَائِبَ وَاخْرِجْ أَسْرِى المُسْلِمِينَ، وَأَلَّا تَعْتَدَى عَلَى أَحَدٍ مِنْ المُسْلِمِينَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَمْرُكَ يَا اِبْنَ تَيْمِيَّةُ، الأَمْرُ أَمْرُكَ يَا اِبْنَ تَيْمِيَّةُ، فَيَخْرُجُ اِبْنُ تَيْمِيَّةُ وَالنَّاسُ مُكَبِّرَيْنِ، عِنْدَ ذَلِكَ قَالَ مَنْ كَانَ مَعَهُ: وَاللهِ لَا نَصْحَبُكَ أَبَدًا..
فَيَمْشِي أُمَرَاءُ التَتَارِ مَعَ ذَلِكَ الإِمَامُ فَيَقُولُونَ لَهُ: اُدْعُ اللهَ لَنَا يَا إِمَامُ، فَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَقُولُ: اَللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا السُّلْطَانُ يُجَاهِدُ لِكَلِمَتِكَ وَإِعْلَائِهَا فَأَنْصُرُهُ، وَإِنْ كَانَ هَذَا السُّلْطَانُ يُجَاهِدُ وَيُقَاتِلُ لِقَتْلِ المُسْلِمِينَ وَإِيذَاءِ المُسْلِمِينَ اَللَّهُمَّ رُدَّ كَيَدِهِ، اَللَّهُمَّ رُدَّ كَيَدِهِ فِي نَحْرِهِ، ثُمَّ يُخْرِجُهُ السُلْطَانَ- رَحْمَةُ اللهَ عَلَيْهِ رَحْمَةُ وَاسِعَةً- فَيَصِلُ أَيُّهَا الكِرَامُ إِلَى أَرْضِ دِمَشْقَ وَهُوَ فِي حِرَاسَةٍ خَاصَّةٍ مَحْفُوظٍ بِحِفْظِ اللهِ، وَالَّذِينَ رَفَضُوا أَنْ يَمْشُوا مَعَهُ أَتَاهُمُ لُصُوصٌ فَشَلَحُوهُمْ وَلَمْ يُبْقُوا مَعَهِمْ شَيْئًا فَحِفْظَ اللهِ اِبْنُ تَيْمِيَّةُ شِيخِ الإِسْلَامِ.
اِبْنُ تَيْمِيَّةُ شِيخِ الإِسْلَامِ- أَيُّهَا الكِرَامِ- يَخْرُجُ مِنْ سِجْنِهِ ظُلْمًا فَيَسْمَعُ رَجُلًا اسْمَهُ تَعْسَاف، يَسُبُّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم- قَالَ: أَتَسُبَهُ وَأَنَا أَسْمَعُ؟! يَا أَهْلَ السُّوقِ عَلَيْكُمْ بِعَدُوِّ اللهِ السَّابُ لِرَسُولِ اللهِ، فَيَضْرِبُهُ النَّاسُ حَتَّى يُوَاسُوهُ الأَرْضُ، فَيَرْتَفِعُ الأَمْرُ إِلَى السُّلْطَانِ فَيَأْتِي بِشُهُودِ زُورٍ: أَنَّي لَمْ أَسُبَ النَّبِيَّ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُسْجَنُ اِبْنُ تَيْمِيَّةُ ظُلْمًا.. ثُمَّ يُؤَلِّفُ كُتَّابًا عَلَى ذَلِكَ الظَّالِمِ الصَّارِمِ المَسْلُولِ، عَلَىَ شَاتِمَ الرَّسُولُ، وَيَكْتُبُ فِيهِ: إِنْ مِنْ أَجْمَلِ حَيَاةٍ عَمِّرِي أَنْ جُلِدّتُ مِنْ أَجْلِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَّلْنَا جَمِيعًا أَرْوَاحُنَا وَحَيَاتِنَا فِدَاءٌ لِلنَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
هَذِهِ الرُّوحُ العَالِيَةُ إِذَا سَأَلْتَ عَنْ عِلْمِ هَذَا الإِمَامِ فَأَسْأَلْ عَنْ فَقَهَهُ الوَاسِعُ؛ يَتَكَلَّمُ عَنْ الحَنَابِلَةِ وَكَأَنَّهُ حَنْبَلِيٌّ وَيَرُدْ عَلَيْهُمْ، مَعَ الأَحْنَافِ وَالمَالِكِيَّةِ وَالْشَافِعِيَةِ، بَلْ خَرَّجَ فِي فَتَاوَى فِي خَارِجِ المَذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ فَأَتَى لَهُ الحَنَابِلَةِ وَقَالُوا: وَيْلُكَ كَيْفَ تَخْرُجَ عَنْ مَذْهَبِ الحَنَابِلَةِ؟، قَالَ: أَخْرُجُ إِذَا مَعَي الدَّلِيلُ، لَا تَقْدِيسَ لِرَجُلٍ إِذَا كَانَ المُسْلِمُ مَعَهُ الدَّلِيلُ، فَالحُجَّةُ بَيْنَي وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللهِ وَسُنَّةِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ أَلَّفَ فِي ذَلِكَ كِتَابًا كَامِلًا اسْمُهُ "اِخْتِيَارَاتِ اِبْنِ تَيْمِيَّةُ شَيْخُ الإِسْلَامِ"، هَذِهِ الاِخْتِيَارَاتْ خَرَجَ فِيهَا عَنْ مَذَاهِبِ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ، وَخَرَّجَ فِيهَا بِالدَّلِيلِ رَحْمَةَ اللهِ عَلَيْهِ رَحْمَةٌ وَاسِعَةٌ.
إِنْ أَتَيْتَ إِلَى عِبَادَتِهِ؛ فَهَذَا الرَّجُلُ يُرَى فِي كُلِّ مَكَانِ مُسْتَغْفِرًا، يُرَى مُبْتَهِلًا دَاعِيًا لِلهِ تَعَالَى، وَإِذَا أَتَى اللَّيْلُ يَقْطَعَهُ بِالبُكَاءِ وَالصَّلَاةِ، وَإِذَا أَتَتْ صَلَاةُ الصُبِحِ لَا يَذْهَبُ بَعْدَ الصَّبَاحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ فَيَقُولُ: هَذِهِ غَدْوَتِي إِنْ لَمْ أَتَغَدَاهَا سَقَطَتْ قِوَاي، كَانَ كَثِيرُ اللَّهْجَةِ وَالذِّكْرِ لِلهِ تَعَالَى، حَتَّى أَعْجَزَ الحَلَّاقِينَ إِذَا أَتَوْا إِلَى حَفَّ شَارِبَهُ، فَقَالُوا: أَلَّا تَهْدَأَ قَلِيلًا حَتَّى نَحُفَ الْشِارِبُ، أَلَّا تَهْدَأَ مِنْ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى؟ فَيَقُولُ: أَنَا فَمِيَّ كَالسَّمَكَةِ إِنْ خَرَجْتْ مِنْ المَاءِ مَاتَتْ فَكَذَلِكَ إِنَّ وَقْفَ لِسَانِي عَنْ ذِكْرِ اللهِ مَاتَ.. بِأَيٌّ نَفْسٌ يَعِيشُ هَذَا الإِمَامُ؟ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ رَحْمَةٌ وَاسِعَةٌ.
يَأْتِيهُ رَجُلٌ يُنْكِرُ القَدْرُ، وَيَذْكُرُ لَهُ أَبْيَاتٌ فِي إِنْكَارِ القَدْرِ، فَيَترُكَه قَلِيلًا اِبْنُ تَيْمِيَّةُ ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيْهِ فِي أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ وَثَمَانِينَ بَيْتِ شِعْرٍ فِي جَلْسَةٍ وَاحِدَةٍ يُبَيَّنُ فِيهِ مَنْهَجُ أَهْلٍ السَّنَةَ وَالجَمَاعَةُ، وَهَذِهِ الأَبْيَاتُ أَصْبَحَتْ كِتَابًا مُؤَلَّفًا الآَنَ اِسْمُهُ: "التَّائِيَّةُ لِابِنِ تَيْمِيَّةَ شِيخَ الإِسْلَامُ" تُدْرَّسُ وَلَا يَدْرُسُهَا إِلَّا أَكَابِرِ العُلَماءِ.. ثُمَّ يَقُولُ فِي آخَرِ الأَبْيَاتِ:
وَلَيْسَ مَحْسُوبَكَ مَعْدُودًا مِنْ الشُّعَرَاءِ.
مِائَةِ وَثَمَانِينَ بَيْتٍ فِي جَلْسَةِ واحدة- أَيُّهَا الكِرَامِ- ثُمَّ يَقُولُ: لَيْسَ مَحْسُوبَكَ مَعْدُودًا مِنْ الشُّعَرَاءِ..
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبِيُّ رَحِمَهُ الله: لَوْ أَقْسَمْتَ يَا إِمَامُ أَنَّي لَمْ أَرَى مِثْلَكَ وَلَنْ أَرَى مِثْلَكَ لَأَقْسَمْتُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ، ثُمَّ يَقُولُ: وَيْلُكَ وَيْحَكَ، أَنَا المَكْدِيُ وَابِنْ المَكدِيُ وَكَذَلِكَ كَانَ أَبِيَّ وَجْدِي.
النَّاسُ تَلْتَفِتُ حَوْلَ هَذَا الإِمَامِ لِأَنَّهُ يَنْزِلُ بَيْنَهُمْ وَيَعِيشُ مَعَهُمْ، كَانَ يَطُوفُ فِي الطُّرُقَاتِ فَيَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ، وَيَنْهَى عَنْ المُنْكَرِ، وَيَكْسِرُ أَوَانِيَ الخَمْرِ وَيَحُضُّ النَّاسَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَإِذَا بِالنَّاسِ تَأْتِي مَعَهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ- رَحْمَةُ اللهُ عَلَيْهِ رَحْمَةٌ وَاسِعَةٌ- لَمَّا خَرَجَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ اِبْنُ تَيْمِيَّةُ إِلَى أَرْضِ مِصْرَ خَرَجَ مَعَهُ العُلَمَاءُ وَالْفُقَهَاءُ وَالأُمَرَاءُ، وَخَرَّجَ مَعَهُ العِمَالَةَ وَالَّذِينَ لَمْ يَأْبَهْ بِهِمْ، وَخَرَّجَ مَعَهُ النِّسَاءَ وَالأَطْفَالُ يَبْكُونَ مُودِعِينَ، يَقُولُونَ: يَا اِبْنَ تَيْمِيَّةُ لَا تَخَرُّجَ عَنَا، يَا اِبْنَ تَيْمِيَّةُ اِبْقَ عِنْدَنَا، فَيَقُولُ: المَصْلَحَةُ أَنْ أَخْرُجَ هُنَاكَ حَيْثُ يُنَفِّعُ اللهُ تَعَالَى.
وَمَا خَرَجَ اِبْنُ تَيْمِيَّةُ إِلَّا لِطَلَبٍ مِنْ المَلِكِ النَّاصِرِ قَلَاوُون، حَيْثُ خَرَجَ فِيهِم مُبْتَدِعٌ ضَالٌّ، هَذَا المُبْتَدِعُ مِنْ طَائِفَةِ الأَحَّمَدِيَةِ مِنْ الصُّوفِيَّةِ، كَانَ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي النَّارِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا، وَيَطْعَنُ نَفْسَهُ بِالسَّكَاكِينِ وَلَا يُصَابُ بِسُوءٍ فَقَالُوا: هَذَا وَلِيَّ، فَيُعْطِي الأَمْوَالَ، وَيُغْدِقُ عَلَيْهِ، وَيَتَبَرَّكُونَ بِهِ، فَعَجَزَ العُلَمَاءُ عَنْهِ وَعَنْ مَا يَصْنَعُ، وَكَيْفَ يَدْخُلُ فِي النَّارِ وَلَا يُصَابُ بِشَيْءٍ فَقَالُوا: لَيْسَ لَهُ إِلَّا اِبْنٌ تَيْمِيَّةُ شَيْخَ الإِسْلَامِ، فَطُلِبَ اِبْنُ تَيْمِيَّةُ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ فَلْمَا وَصَلَ أَخْرَجُوا لَهُ ذَلِكَ المُبْتَدِعَ، فَنَظَرَ اِبْنُ تَيْمِيَّةُ إِلَيْهِ وَمَا يَصْنَعُ فَضَحِكَ اِبْنَ تَيْمِيَّةُ شِيخَ الإِسْلَامُ، وَقَالَ: وَيحَّكُمْ وَيُلْكَمْ، يَتَلَاعَبُ بِكُمْ عَدُوُ اللهُ يَغْمِسُ نَفْسَهُ فِي الزِّئْبَقِ، زَيَّتَ الضَّفَادِعَ، يَغْمِسُ نَفْسَهُ فِي الزِّئْبَقِ فَلَا يُصَابُ بِالنَّارِ، وَإِنَّي أَقْسَمْتُ عَلَى اللهِ، وَإِنَّي صَلَّيْتُ اِسْتِخَارَةٌ أَنْ أَغْتَسِلَ أَنَا وَإِيَّاهُ أَمَامَكُمْ جَمِيعًا فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ ثُمَّ أَضَعُ يَدِي مُتَوَكِلًا عَلَىَ اللهِ وَلَنْ أُصَابَ بِسُوءٍ، وَيَضَعُ يَدَهُ فِي النَّارِ إِنْ كَانَ صَادِقًا، قَالَ المُلْكُ وَالنَّاسُ جَمِيعًا: اصْنَعُ مَا يَقُولُ اِبْنُ تَيْمِيَّةُ، قَالَ: أَبَدًا لَنْ أَصْنَعَ مَا يَقُولُ، وَمَا لِابِنْ تَيْمِيَّةَ دَخَلٌ فِيَّ وَلَيْسَ لَهُ عَلَاقَةً عَلَيَّ وَلَا أَمْرَهُ يُنَفَّذُ فِيَّ، قَالُوا: لِابُدَ أَنْ تَصْنَعَ مَا يَقُولُ لَكَ هَذَا الإِمَامُ، وَإِذَا بِالرَّجُلِ يَتَرَاجَعُ، وَإِذَا بِالرَّجُلِ يَخْنَعُ وَيُذَلُّ فِي ذَلِكَ المَكَانِ فَإِذَا بِاِبْنِ تَيْمِيَّةَ يُقْسِمُ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا الفِعْلُ، وَإِذَا بِالنَّاسِ تُهَدِّأُ اِبْنُ تَيْمِيَّةُ قَالُوا: عَرِفْنَا كَذِبُهُ، قَالَ: لَابُدَّ أَنْ يَصْنَعَ ذَلِكَ، قَالَ السُّلْطَانُ: الأَمْرُ أَمْرُكَ يَا اِبْنَ تَيْمِيَّةُ، مَا نَصْنَعُ؟ قَالَ: يُقْطَعُ هَذَا الفَاجِرُ، السَاحِرُ، الكَذَّابِ الدَجَّال يَضْحَكُ عَلَى النَّاسِ وَيَسْتَخْدِمُ الشَّيَاطِينَ أَنْ تَحْمِلَهُ هَذِهِ الدُّرُوعُ، فَيُقْطَعُ رَأَسَ هَذَا الفَاجِرُ، قَالُوا: وَمَا تَصْنَعُ؟ قَالَ: وَالبَقِيَّةُ الَّذِينَ مَعَهُ إِنْ تَابُوا إِلَى اللهِ فَنَعَمْ وَإِلَّا فَالسَّيْفُ الأَمْلَحَ لَهُمْ، فَأتُوا إِلَى اِبْنِ تَيْمِيَّةَ قَالُوا: نُعْلِنُ التَّوْبَةَ يَا اِبْنَ تَيْمِيَّةُ، فَيَتُوبَ فِي ذَلِكَ المَجْلِسِ مِنْ طَائِفَةِ الأَحْمَدِيَةِ المُبْتَدَعَةُ أَكْثَرُ مِنْ مِائَتَيْنِ وَيَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ وَالإِسْلَامِ فَيُعَّلِمَهُمْ اِبْنُ تَيْمِيَّةُ وَيَنْصَحُهُمْ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ رَحْمَةٌ وَاسِعَةٌ.
أَيُهَا الكِرَام!
مَا أَحْوَجَ الأُمَّةَ الإِسْلَامِيَّةَ اليَوْمَ فِي أَمْثَالِ اِبْنِ تَيْمِيَّةُ شِيخَ الإِسْلَامُ، يَصْدَعُونَ بِالحَقِّ وَيَقِفُونَ فِي حَاجَاتِ النَّاسِ وَيَدْعُونَ لِلمُسْلِمِينَ، مَا زَالَ فِي النَّاسِ وَلِلهِ الحَمْدُ بَقِيَّةٌ وَلَكِنْ كَأَمْثَالِ اِبْنِ تَيْمِيَّةُ شِيخَ الإِسْلَامُ قَلِيلٌ وَقَلِيلٌ جِدًا، بَلْ قَالَ بَعْضٌ العلماء- حَتَّى المُعَاصِرِينَ-: لَمْ يَأْتِ مِثْلُ اِبْنِ تَيْمِيَّةَ مِنْ عَصْرِهِ إِلَى الآنَ فِي مُثُلِ عِلْمِهِ وَقَوَّتِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ رَحْمَةٌ وَاسِعَةٌ.
خَلْفَ اِبْنِ تَيْمِيَّةَ أكابر العُلَماءِ؛ خَلْفَ اِبْنِ تَيْمِيَّةَ اِبْنِ كَثِير رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ، خَلْفَ اِبْنِ تَيْمِيَّةَ الإِمَامُ الذَّهَبِيُّ، خَلْفَ اِبْنِ تَيْمِيَّةَ الإِمَامُ السُبْكِي، الإِمَامُ، وَللإِمَامُ تَلَامِيذُ لَا يُحْصِيهُمْ إِلَّا اللهُ جَلَّ وَعَلَّا، وَكَأَنَّ اِبْنَ كَثِيرُ-رَحِمَهُ الله- فِي المُجَلَّدِ الرَّابِعَ عَشْرَ وَالخَامِسَ وَالسَّادِسَ عَشَر يَنْسَى نَفْسَهُ وَيَكْتُبُ التَّارِيخَ دَخَلَ اِبْنَ تَيْمِيَّةُ فِي سَنَةٍ كَذَا وَكَذَا، خَرَجَ اِبْنُ تَيْمِيَّةُ فِي سَنَةٍ كَذَا وَكَذَا، اِنْتَصَرَ اِبْنُ تَيْمِيَّةُ فِي سَنَةٍ كَذَا وَكَذَا، فَعِلَ اِبْنُ تَيْمِيَّةُ كَذَا وَكَذَا، أَفْتَى اِبْنُ تَيْمِيَّةُ كَذَا وَكَذَا.
إِذَا عَلِّمْتُ أَنَّ اِبْنَ تَيْمِيَةِ-رَحِمَهُ الله- لَمْ يَتَزَوَّجْ أَبَدًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ قُصُورٌ فَارِهَةٌ، وَكَانَتْ لَهُ غُرْفَتَيِّنِ-رَحِمَّهُ اللهَ رَحْمَةً وَاسِعَةً- غُرْفَةٌ لِكُتُبِهِ وَغُرْفَةٌ لِمَنَامِهِ، وكان-رَحِمَهُ الله- لَهُ ثَوْبَيْنِ يَلْبَسُهُمَا خِلَالَ الأُسْبُوعِ أَجْمَعُ ثَوْبٌ لِصَلَاةِ الجُمْعَةَ وُثُوبٌ لِبَقِيَّةِ الأَيَّامِ، هَذَا العِزُّ العَظِيمَ وَاللِّسَانُ الكَبِيرَ إِذَا تَكَلَّمَ بِهِ يَجْمَعُهُ زُهْدٌ وَإِخْلَاصٌ وَتَعَلُّقٌ بِاللّهِ تَعَالَى، رَحْمَةُ اللهِ عَلَى هَذَا الإِمَامِ.
فَجَّرَ كَثِيرًا مِنْ أَنْوَاعِ المَعْرَفَةِ، رَدَّ عَلَى الفَلَاسِفَةِ، وَرَدَ عَلَى المَنَاطِقَةِ، وَرَدَ عَلَى الصُّوفِيَّةِ الغَالِيَةِ، وَرَدَ عَلَى المُبْتَدَعَةِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، ثُمَّ أَصَّلَ تَأْصِيلًا فِي العَقِيدَةِ الإِسْلَامِيَّةِ وَالَفِّقْهُ وَلِذَلِكَ مَنْ أَرَادَ الزاد وَمِنْ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ إِلَى عَقِيدَةٍ صَافِيَةِ مُبَارَكَةٍ فَلِيَقْرَأْ إِلَى مِثْلِ عَقِيدَةِ اِبْنِ تَيْمِيَّةُ شَيْخَ الإِسْلَامِ فِي كُتُبِهِ؛ فَهِيَ شَاهِدَةٌ وَكَفِيلَةٌ فِيمَا يَتَكَلَّمُ بِهِ رَحِمَهُ اللهُ رَحْمَةً وَاسِعَةٌ.
مَاتَ هَذَا الإِمَامُ وَهُوَ مَسْجُونٌ فِي سِجْنِ القَلْعَةِ ظُلْمًا وَعُدُوانًا وَلَكِنَّهُ مُحْتَسِبٌ أَجْرَهُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، فِي مَا يُقْرُبُ السَّنَةَ أَوْ السَّنَةَ وَبِضْعَةُ أَشْهَرُ خَتَمَ القُرْآنَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ وَثَمَانِينَ مَرَّةٍ، ثُمَّ مَاتَ عِنْدَ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى:
{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ }([url=file:///E:/%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF %D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A/%D8%AE%D8%B7%D8%A8 %D9%85%D9%81%D8%B1%D8%BA%D8%A9/%D8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B6%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%84.doc#_ftn5][sup][5][/url])[/sup]
مَاتَ عِنْدَ هَذِهِ الكَلِمَةِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ رَحْمَةٌ وَاسِعَةٌ، وَإِذَا بِالنَّاسِ تَأْتِي مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، وَتَبْكِي لِابِنْ تَيْمِيَّةَ شِيخَ الإِسْلَامُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ رَحْمَةٌ وَاسِعَةٌ.
اَللَّهُمَّ عَوِّضْ هَذِهِ الأُمَّةُ مِنْ أَمْثَالِ اِبْنِ تَيْمِيَّةُ شَيْخُ الإِسْلَامِ، وَكُلُّ مَنْ يَسِيرُ عَلَى نَهْجِهِ يَا رَبَّ العَالَمِينَ.
عَبَّادُ اللهِ، أَقُولُ مَا سَمِعْتُم وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ فَاِسْتَغْفَرُوهُ، وتوبوا إِلَيْهِ إِنَّهُ غفور رَحِيمٌ.
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَحَدِّهِ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَشْهَدَ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدَهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: عَبَّادُ اللهِ، أَيُّهَا المُسْلِمُونَ
فِي مِثْلَ هَذِهِ الأَيَّامِ يَجْتَهِدُ الوَالِدَانِ، وَيَجْتَهِدُ الكَثِيرُ عَلَى حِرْصِهِمْ لِأَوْلَادِهُمْ أَنْ يَتَحَصَّلُوا بِأَعْلَى الدَّرَجَاتِ فِي الاِخْتِبَارَاتِ وَمَا هِيَ إِلَّا اِخْتِبَارَاتٌ فِي هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، كَيْفَ نَجْتَهِدُ وَنَسْهَرُ وَنَتْعَبُ، فَكَيْفَ بِالاِخْتِبَارِ وَالوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْ اللهِ تَعَالَى؟!.
{فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}([url=file:///E:/%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF %D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A/%D8%AE%D8%B7%D8%A8 %D9%85%D9%81%D8%B1%D8%BA%D8%A9/%D8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B6%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%84.doc#_ftn6][sup][6][/url])[/sup]
{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ}([url=file:///E:/%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF %D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A/%D8%AE%D8%B7%D8%A8 %D9%85%D9%81%D8%B1%D8%BA%D8%A9/%D8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B6%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%84.doc#_ftn7][sup][7][/url])[/sup]
النَّاجِحُ فِي الدُّنْيَا يَأْخُذُ كِتَابُهُ بِاليَمِينِ، وَيَقُولُ لِوَالِدِيهِ وَالنَّاسُ أَجْمَعِينَ:
{اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ}([url=file:///E:/%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF %D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A/%D8%AE%D8%B7%D8%A8 %D9%85%D9%81%D8%B1%D8%BA%D8%A9/%D8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B6%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%84.doc#_ftn8][sup][8][/url])[/sup]
فَالمَثَلُ الأَعْلَى يَوْمُ القِيَامَةِ يَأْتِي صَاحِبَ اليَمِينِ يَقُولُ:
{ هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ }([url=file:///E:/%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF %D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A/%D8%AE%D8%B7%D8%A8 %D9%85%D9%81%D8%B1%D8%BA%D8%A9/%D8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B6%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%84.doc#_ftn9][sup][9][/url])[/sup]
وَالَّذِي يُخْفِقُ وَيَكُونُ رَاسِبًا فِي هَذِهِ الحَيَاةِ، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمُدَّ الشَّهَادَةَ إِلَى النَّاسِ بِيَمِينِهِ بَلْ يَأْخُذُهَا بِشِمَالِهِ، وَيَقُولُ:
{ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتْ الْقَاضِيَةَ }([url=file:///E:/%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF %D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A/%D8%AE%D8%B7%D8%A8 %D9%85%D9%81%D8%B1%D8%BA%D8%A9/%D8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B6%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%84.doc#_ftn10][sup][10][/url])[/sup]
أيها المسلمون!
وَفِيٌّ مِثْلَ هَذِهِ الأَيَّامِ يُحَذِّرُ أَوْلِيَاءُ الأُمُورِ عَلَى أَوْلَادِهُمْ، يُعَلِمُوا لِأَوْلَادِهُمْ مَتَى وَقْتَ الاِخْتِبَارِ وَمَتَّى الاِنْصِرَافُ لِأَنَّ كَثِيرٌ مِنْ أَعْدَاءِ المِلَّةِ وَالِدِينَ، وَمِنْ شَيَاطِينَ الإِنْسِ يَسْتَغِلُّونَ هَذِهِ الأَوْقَاتُ وَإِذَا بِتَرْوِيجِ المُخَدِّرَاتِ تَنَشَّطُ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ، وَإِذَا بِسَرِقَةِ الأَعْرَاضِ وَلُصُوصِ الأَعْرَاضِ يَطُوفُونَ الشَّوَارِعُ فَيَنْظُرُونَ إِلَى كُلِّ طِفْلٍ أَوْ شَابٍّ لَيْسَ لَهُ رَاعٍ، وَلَيْسَ لَهُ حَسِيبُ أَوْ رَقِيبُ فَقَدْ يَعْتَدِي عَلَيْهِ، وَقِصَصٌ كَثِيرَةً يَشِيبُ لَهَا الرَّأْسُ وَلِذَلِكَ أُحَذِّرُ نَفْسِي وَإِيَّاكُمْ أَنْ يَعْلَمَ المَسْئُولَ وَوَلِيَّ الأَمْرِ مَتَى يَخْرُجُ الوَلَدُ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِنَفْسِهُ أَوْ يُرْسَلُ السَّائِقُ لَدَيْهُ، وَأَنْ يَأْخُذَ الوَلَدُ مُبَاشَرَةً وَلَا يَبْقَى يَتَسَكَّعُ فِي الشَّوَارِعِ وَلَا يَبْقَى فِي أُمُورٍ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللهُ، وَيُحَذِّرُ بَعْضَ الطُّلَّابِ وَالشَّبَابُ أَلَّا يَأْخُذُوا مِنْ هَذِهِ الحُبُوبِ المُنَبِّهَةِ الَّتِي قَدْ تَرُوجُ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ وَهِيَ حُبُوبٌ مُنَشَّطَةٌ، وَقَدْ تَكَوُّنُ حُبُوبِ مَصَائِبَ فِيهَا، وَهِيَ مُنَشِّطَاتٌ أَوْ مُخَدِّرَاتٌ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا تُقَوَّى الذَّاكِرَةُ وَتُفَتِحُ العَقْلُ وَالذَّكَاءُ وَمَا هِيَ إِلَّا دَمَارُ وَخَسَارٌ عَلَى ذَلِكَ الشَّابِّ وَذَلِكَ المُسْلِمُ، إِنَّمَا المَرْءُ يَسْتَعِينُ بِاللّهِ تَعَالَى، وَيَجْتَهِدُ وَيَدْعُو رَبَّهْ وَيَلْتَمِسُ رِضًا وَالِدِيهِ بِأَنْ يَدْعُوَ لَهُ بِالتَّوْفِيقِ وَالنَّجَاحِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَأَنَّ بِدَايَةَ المُخَدِّرَاتِ سِيجَارَةٌ، 90% مِنْ الإِحْصَائِيَّاتِ لِأَصْحَابِ المُخَدِّرَاتِ بَدَئُوا فِيهِ بِشُرْبِ الدُّخَانِ أَوَّلَا، ثُمَّ اِسْتَدْرَجَهُمْ الشَّيْطَانُ إِلَى مُخَدِّرَاتٍ، ثُمَّ إِلَى قِصَصٍ مُخِيفَةٍ مِنْ اِغْتِصَابَاتٍ وَمِنْ قَتْلٍ وَاِعْتِدَاءَاتٍ نَسْأَلُ اللهَ العَافِيَةَ وَالسَّلَامَةَ.
وَكَذَلِكَ مِمَّا يُحَذَّرُ إِذَا أُعْطِى بَعْضَ الأَوْلَادِ السَّيَّارَاتِ أَنْ يَكُونُوا أَهْلًا لِتِلْكَ السَّيَّارَاتُ، فِي مِثْلَ هَذِهِ الأَيَّامِ أَيْضًا يُكْثَرُ -- ((26:39)) -- وَيُكْثَرُ الاِعْتِدَاءُ بِالسَّيَّارَاتِ وَالاِعْتِدَاءُ كَذَلِكَ عَلَى العِمَالَةِ وَالضُّعَفَاءُ وَالمَسَاكِينُ، هَذِهِ السَّيَّارَاتُ أَمَانَةٌ، قَدْ جَلَسَتُ بِالأَمْسِ فِي مُنَاسَبَةٍ مَعَ أَحَدِ الأَحِبَّةِ وَفِي هَذَا الشَّارِعِ وَاللهِ رَأَيْنَا عَشَرَاتٍ بَلْ مِئَاتُ السَّيَّارَاتِ مِنْ الشَّبَابِ الَّذِينَ يَلْعَبُونَ بِهَا لُعَبًا، الَّذِينَ يَلْعَبُونَ بِهَا تفحيطا وَصَوَّتَا لِمَزَامِيرِ الشَّيَاطِينَ، وَسَيَّارَاتٌ فَارِهَةٌ بِأَغْلَى الأَثْمَانُ، يَسِيرُوا فِيهَا بِهَذَا اللَّعِبِ العَظِيمِ وَهَذِهِ أَمَانَاتُ اللهِ جَلَّ وَعَلَّا يَسْأَلُنَا عَنْهَا..
{ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}([url=file:///E:/%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF %D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A/%D8%AE%D8%B7%D8%A8 %D9%85%D9%81%D8%B1%D8%BA%D8%A9/%D8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B6%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%84.doc#_ftn11][sup][11][/url])[/sup]
يُعْطَى الشَّابُّ السَّيَّارَةَ وَلَكِنْ بِعَقْلٍ وَيُنْصَحُ وَيُعْلَّمُ كَيْفَ يَمْشِي وَمَعَ مَنْ يَمْشِي، وَلَا يَرْكَبُ مَعَهُ الشَّبَابُ الضَّائِعِينَ فَإِنَّ الصُّحْبَةَ السَّيِّئَةَ تُرْضِي ذَلِكَ الشَّابَّ، هَذَا شَيْءٌ يَسِيِرُ مِنْ الوَصَايَا فِي مِثْلَ هَذِهِ الأَيَّامِ أَنْ يَكُونَ أَوْلِيَاءُ الأُمُورِ مُنْتَبِهِينَ مُتَيَقِّظِينَ لِأَوْلَادِهِمْ وَاللّهُ جَلَّ وَعَلَّا هُوَ الكَفِيلُ أَنْ يَحْفَظَنَا وَيَحْفَظُ أَوْلَادَنَا وَبُنَاتِنَا، إِنَّهُ هُوَ القَادِرُ عَلَى ذَلِكَ..
عِبَادُ اللهِ، صَلُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ، أَكْثِرُوا مِنْ الصَّلَاةِ عَلَىَ المُصْطَفَى مُحَمَّدٌ بِنْ عَبْدِ الله.
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}([url=file:///E:/%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF %D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A/%D8%AE%D8%B7%D8%A8 %D9%85%D9%81%D8%B1%D8%BA%D8%A9/%D8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B6%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%84.doc#_ftn12][sup][12][/url])[/sup]
اَللَّهُمَّ ابْلِغْ صَلَاتَنَا وَسَلَامَنَا عَلَى نَبِيِّكَ مُحَمَّدٌ، وَاِرْضَ اَللَّهُمَّ عَنْ الخُلَفَاءِ الرَاشِدِّيِنَ الأَرْبَعَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرٍ وَعُثمَانٍ وَعَلِيٍ وَعَنَا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَجُودِكَ يَا أَكْرَمُ الأَكْرَمِينَ، اَللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامُ وَالمُسْلِمِينَ، اَللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامُ وَالمُسْلِمِينَ، اَللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامُ وَالمُسْلِمِينَ، اَللَّهُمَّ اُنْصُرْ مَنْ نَصْرَ الدِّينِ، وَكُنْ لِأَولِيَائِكَ المُوَحِّدِينَ فِي بَرِكَ وَبَحْرِكَ أَجْمَعَيْنِ.
اَللَّهُمَّ وَفْقَ أَوْلَادِنَا وَبَنَاتِنَا فِي الاِخْتِبَارَاتِ وَأَرْزُقُهُمْ أَعْلَى الدَّرَجَاتِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اَللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهُمْ يُسْرًا وَسُهُولَةً، اَللَّهُمَّ اِفْتَحْ عَلَيْهُمْ يَا رَبَّ العَالَمِينَ..
اَللَّهُمَّ إنا نَسْأَلُكَ أَنْ تَحَفَّظَ أَوْلَادُنَا وَنِسَاءَنَا بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ، اَللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ بِنَا سُوءًا وَبِأَوْلَادِنَا سُوءًا فَاِجْعَلْ كَيَدَهُ فِي نَحْرِهِ وَسَلِطْ عَلَيْهِ وَاِكْفِنَا شَرَّهُ يَا رَبَّ العَالَمِينَ..
اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنَا أَشِدَّاءَ عَلَى الكُفَّارِ، رُحَمَاءُ فِيمَا بَيْنِنَا، رُحَمَاءُ فِيمَا بَيْنِنَا يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ، اَللَّهُمَّ عَيْشِنَا عِيشَةً هَنِيَّةً وَأَمِتْنَا مَيْتَةً سَوِيَّةً، وَاِبْعَثْنَا بَعْثَةً مَرَضِيَّةً يَا رَبَّ العَالَمِينَ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ..
اَللَّهُمَّ اُنْصُرْ أُمَّةَ الإِسْلَامِ فِي أَرْضِ الشَّامِ، اَللَّهُمَّ أَنْصُرُهُمْ فِي العِرَاقِ وَالأَفِغَانِ وَفِي كُلِّ مَكَانٍ، وَاجْمَعُ الكَلِمَةُ، وَاصْلَحُ أَحْوَالِ أَهْلِ اليَمَنِ، وَفِي مِصْرَ وَأَحِقْنَ دِمَاءَ المُسْلِمِينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ..
اَللَّهُمَّ أَدِمْ عَلَيْنَا مَا نَعِيشُ فِيهِ مِنْ نِعْمَةِ الأَمْنِ وَالأَمَانِ وَرَغَدِ العَيْشِ فِي الأَوْطَانِ، اَللَّهُمَّ بَارَكَ لِنَا فِي وَلِيَّ أَمْرِنَا، اَللَّهُمَّ اسْبِغَ عَلَيْهِ لِبَاسُ الصِّحَّةِ وَالعَافِيَةُ، اَللَّهُمَّ اسْبَغَ عَلَيْهِ لِبَاسُ الصِّحَّةِ وَالعَافِيَةُ، يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ وَاجْعَلُهُ رَحْمَةَ لِعِبَّادِكَ المُؤْمِنِينَ وَهَيَّأَ لَهُ بِطَانَةً صَالِحَةً، يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ..
عِبَادُ اللهِ، اُذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ يَذْكُرُكُمْ، وَاُشْكُرُوا عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلِذِكْرُ اللّهِ أَكْبَرُ {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}([url=file:///E:/%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF %D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A/%D8%AE%D8%B7%D8%A8 %D9%85%D9%81%D8%B1%D8%BA%D8%A9/%D8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B6%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%84.doc#_ftn13][sup][13][/url])[/sup].