لسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه.
موضوع الخطبة: مرحبا بالضيف الكريم
(محمد زراك)
الحمد لله الذي جعل صيام رمضان سِترا وجُنة، وسببا مُوصِلا إلى الجنة، ووقايةً من شياطين الإنس والجِنة، وأشهد أن لا إله إلا الله فرض الصيام فضلا منه ومنة، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله هدانا إلى أوضح محجة وأقوم سنة، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الذين هم لكل خير مظنة، وعلى التابعين لهم بإحسان ممن كانت نفوسهم بالإيمان مطمئنة.
اللهم حبب إلينا الإيمان, وزينه في قلوبنا, وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان. اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها, أنت وليها ومولاها, نعم المولى ونعم النصير.
أما بعد فأيها الإخوة المؤمنون! أيتها الأخوات المؤمنات! أوصيكم ....
لو قيل لكم إن ضيفا كريما عظيما سيحل بكم ما ذا ستفعلون؟ إن الناس عادة إذا نزل بهم ضيف كريم استعدوا له بأمرين:
الأمر الأول: تنظيفُ المنزل وتهيئتُه وترتيبُه وتطيبُه.
الأمر الثاني: تقديم المكرمات له من أشهى الطعام وأطيبِ الشراب وأحلى الكلام.
فها هو رمضانُ قد نزل بكم ضيفا كريما، فمن كرمه يغفر الله به الذنوب، وتتضاعف فيه الأعمال، يقول الله تعالى عنه في الحديث القدسي الجليل: «كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به» فهو ضيف كريم، له في نفوس الصالحين بهجة، وفي قلوب المتعبدين فرحة، وحسبكم في فضائله وكرمه أن أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار. فعلينا إذن أن نهيئ لهذا الضيف الكريم منزله، ونقدم له المكرمات اللائقةَ بمنزلته.
أتدرون ما هو منزله؟ إنه قلوبنا, إنه قلوب المؤمنين الطائعين، فيجب علينا أن ننظف قلوبنا بماء التوبة النصوح، ونُطيّب أنفسنا بروائح الاستغفار، وإذا كانت الأعمال ترفع إلى رب العالمين كل يوم عند صلاة العصر وصلاة الفجر، فإن أعمال السنة ترفع في شهر شعبان، كما أخبرنا بذلك رسول اللهr فعلينا أن نختم فيه أعمالنا بالتوبة والاستغفار، لأن الأعمال بخواتمها، حتى نستقبل رمضان بقلوب صافية ونفوس طاهرة.
أما المكرمات التي يجب أن نقدمها لرمضان فهي الصيام والقيام، وهي مدارسة القرآن، وهي الجود والإحسان، وهي صلوات وتهجد وتراويح، وهي أذكار وجهاد وتسابيح.
لقد كان الرسولr أجود الناس، و لكنه في رمضان يزداد جوداً، فقد كانr ريحاً مرسلة، في السخاء والكرم والإنفاق. ورمضان عنده أمنية يَتَمَنّا بلوغها، فكانr يقول: «اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان» يجالس فيه الصالحين، ويدارس فيه القرآن، ويعتكف في المسجد بالتراويح والقيام،
روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان النبيr أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلَرسول اللهr حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة».
تلكم – يا عباد الله – صورة مصغرة لحياة النبيr في رمضان: كلها كرم وجود، واعتكاف بجد واجتهاد، وقِراءة القرآن,
هكذا يستعد النبيr لرمضان. وكيف نستعد نحن لرمضان؟
أليس من العار أن يكون النبيr أجود بالخير من الريح المرسلة على الفقراء، فنكون نحن أجود على أنفسنا وبطوننا ناسين أو متناسين أن الله شرع الصيام للقلب والروح لا للبطن والمعدة، شرع فيه الصيام تهذيبا للأغنياء ومواساةً للفقراء، لا معرضا لفنون الأطعمة والأشربة، حيث تزداد فيه تخمة الغني بقدر ما تزداد فيه حسرة الفقير.
أليس من العار أن يتحرى النبيr في رمضان أفضل العبادات ومن التقربات أعظمها,ونتحرى نحن في رمضان من المأكولات أحلاها، ومن المشروبات أغلاها، ومن الأفلام أفحشها، ومن السهرات أفسقها.
أليس من العار أن يكون رمضانُ عند النبيr شهرَ العلم والفوائد، ويكون لدينا شهرُ الأكل والموائد.
أليس من العار أن يحييَ النبيr ليالي رمضان حتى تورمت قدماه، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فنُميتَ نحن ليالي رمضان بمشاهدة التلفزيون حتى تورمت عيوننا، فنزيدَ من قائمة ذنوبنا ما تقدم منها وما تأخر.
أليس من العار أن يتعرض النبيr في رمضان لنفحات الرحمن، ونعرض نحن في وسائل الإعلام للفحات الشهوة والشيطان، حيث يرفعون من وثيرة الفسق في ليالي رمضان، فيختارون لها أفحش أفلام الرقص والمجون، وأفسق البرامج الخليعة، فيبثون لبيوت الصائمين والصائمات أفظع السهرات وأقبح الويلات. ثم يقولون بكل وقاحة وجرأة على الله: برامج رمضان المبارك _بالله عليكم _أي بركة تركوها لرمضان؟
أليس من العار أن يكثر النبيr في رمضان من مدارسة القرءان، ومجالسة الصالحين، فيكون فينا من يكثر من مصاحبة قرناء السوء ومدارسة لعبة الورق (الكرطى) و(ضمى) وغيرهما من وسائل القمار في المقاهي، وعلى قارعة الطريق,
أليس من العار أن يعتكف النبيr في رمضان في أحب البقاع إلى الله وهي المساجد, ويكون فينا من يعتكف في أبغض البقاع إلى الله وهي الأسواق, فيعتكفون على البيع والشراء فلا يحضرون المساجد إلا قليلا وعلى عجل، فرمضان عندهم موسما للدنيا لا للآخرة، روى الإمام مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أحب البلاد إلى الله مساجدها. وأبغض البلاد إلى الله أسواقها»
معاشر المسلمين: غدا أو بعد غد نكون إن شاء الله في رحاب رمضان، ورمضان فرصة لتنقية أجواء الإيمان، والتسلح بأخلاق الإسلام،فرصة للإقتداء بسيد الأبرار، والابتعاد عن تقليد الأشرار، تصفد فيه الشياطين، وتفتح فيه أبواب الجنان، وهو شهر مدارسة القرآن، وشهر الصيام والقيام، وشهر الجود والإكرام. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك ، وحسن عبادتك ، اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه, أقول قولي....
الحمد لله رب العالمين....
أما بعد فأيها الإخوة المؤمنون! أيتها الأخوات المؤمنات!
هاهو رمضان إذن سيحل في ساحتنا بنفحاته،فاحرصوا على استقباله بالفرح والابتهاج: فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يبشر أصحابه بمجيئ شهر رمضان: "جاءكم شهر رمضان. شهر بركة يغشاكم الله فيه فيُنزِّل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب الدعاء، ينظر الله إلى تنافسكم فيه فيباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرا فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله ".
احرصوا على استقبال رمضان بتعلم أحكام الصيام ومعرفة حدوده واجباته وآدابه ومبطلاته التي توجب الكفارة والقضاء والتي توجب القضاء فقط, ومتى يجوز الأكل في نهار رمضان وغيرها من الأحكام الضرورية, عن أبي سعيد الخدري أن النبي – صلي الله عليه وسلم – قال :" من صام رمضان وعرف حدوده , وتحفظ مما كان ينبغي أن يتحفظ منه ، كفر ما قبله "بمعنى غفر الله له ما تقدم من ذنبه
احرصوا على استقبال رمضان بالعزم بأن لا يمر رمضان وينتهيَ دون أن تستفيدوا منه الاستفادة المرجوة، التي من أجلها شرع الله الصيام وملخص الفائدة المطلوبةِ من الشهر هي: التقوى.يقول الله تعالى
( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)) هذا وأكثروا من الصلاة والسلام على رسول اللهr
اللهم صل على سيدنا محمد..
وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء، أهل الصدق والوفاء، وعن بقية الصحابة الشرفاء، اللهم ثبت في قلوبنا محبتهم، وأحينا على سنتهم، وأمتنا على ملتهم، واحشرنا في زمرتهم...اللهم وفق للخير جلالة الملك محمد السادس، اللهم انصره نصرا عزيزا تعز به الدين، وتعلي به كلمة الإسلام، وتجمع به شمل السلمين، اللهم احفظه في ولي عهده المحبوب، وجميع الأسرة الملكية الشريفة إنك حميد مجيد،.....
اللهم انصر الإسلام والمسلمين، واجعل بلدنا آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين.. اللهم بارك لنا في رمضان, واجعلنا فيه من المغفور لهم, اللهم اجلنا فيه من الفائزين, اللهم اجعلنا من عبادك المخلصين, وآمنا يوم الفزع الأكبر يوم الدين, اللهم اعطنا من الخير فوق ما نرجو, واصرف عنا من السوء فوق ما نحذر, اللهم علق قلوبنا برجائك,واقطع رجاءنا عمن سواك, اللهم إنك تعلم عيوبنا فاسترها,وتعلم حاجاتنا فاقضها,كفى بك وليا ونصيرا, ربنا هب لنا من أزواجنا... ربنا اغفر لنا ولإخواننا .... )سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين (.
موضوع: مرحبا بالضيف الكريم 
الأربعاء يونيو 25, 2014 11:46 am
