حفل زواج

ه
درس علمي: وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا

بادئ ذي بدء، أرحب بكم في هذه المناسبة السعيدة، وأدعو الله عز وجل أن يبارك في الزوجين، بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما في خير، الله ارزقهما ذرية طيبة توحد الله وتعبده، يارب إنك سميع مجيب.
أيها الحضور الكريم! الزواج سنة من سنن الله في الخلق والتكوين، وهو سنة عامة ومطردة، في عالَم الإنسان، وفي عالَم الحيوان، وفي عالم النبات، لقول الله عز وجل: ﴿ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ النبات كيف يتكاثر ؟ عن طريق التزاوج، الحيوان كيف يتكاثر ؟ عن طريق التزاوج، والإنسان كيف يتكاثر ؟ عن طريق التزاوج، فالزوجية أصل في الخلق والتكوين،﴿ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ﴾ أيها الأحباب!يقول تبارك وتعالى (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) إنها آية عظيمة تستحق منا أن نتفكر فيها وفي دلالاتها وفي معانيها، ولذلك فإن هذه الآية خُتمت بقوله تعالى (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، فما هي الأشياء التي ينبغي علينا أن نتفكر فيها؟ لنتأمل ولندقق معا هذه في الآية العظيمة،
(وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ دائماً عندما نسمع قول الحق (وَمِنْ آَيَاتِهِ) يجب أن ندرك أن هناك معجزة ما سوف يحدثنا عنها الله سبحانه وتعالى، الآية في اللغة هي العلامة الدالة وهنا على وجود الله ووحدانيته وكماله فكما أن السموات والأرض والشمس والقمر والليل والنهار واختلاف ألسنتنا وألواننا آيات دالة على عظمة الله تعالى كذلك خلق الإنسان من ذكر وأنثى آية كبرى دالة على حكمته وعلمه ورحمته، سؤال: ما هو السر الذي أودعه الله تبارك وتعالى في الزوجين،وما الذي يدعو للتفكر في هذا الموضوع؟ الجواب هذه الآية تخفي وراءها أسراراً علمية كثيرة ينبغي علينا نحن المؤمنين ألا نمر عليها مرور الكرام، بل أن نتوقف ونتأمل ونتدبر حتى نزداد إيماناً وتسليماً لله عز وجل كما قال تعالى: (وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا)
هناك من الناس من يقطع آلاف الأميال، وينفق آلاف الدراهم، ليغطس ساعات في حمامات مياه معدنية يقال إنها تمنح الصحة والعافية.
ونسمع عن ملايين من الناس الذين يلتهمون أقراص الفيتامينات طلباً للقوة والصحة ووقاية من الأمراض والعلل. ونشاهد الكثيرين يمارسون الرياضة للمحافظة علي لياقة أبدانهم ووقايتها من البدانة التي تقف وراء كثير من الأمراض.
هؤلاء جميعاً يذكرونني بقول الشاعر :
كالعير في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول
الناس جميعهم يبحثون عن صحة أبدانهم، وصفاء أذهانهم، وطمأنينة أرواحهم، مع أن هذه الأمور موجودة داخل بيوتهم، وبالضبط في غرفة النوم.

علماء الغرب غير المسلمين منهم يحاربون ديننا ويفترون علينا، ولكنهم وفي نفس الوقت أثبتوا بأنفسهم أن كتابنا الكريم صادق ومن الله،
يقول احد علماء الغرب : إن المعاشرة الزوجية الناجحة تمنح الجسم صحة وعافية وقوة ومناعة. ولأن كثيراً من الناس غافلون عن هذه المنافع الصحية العظيمة التي توجد في غرفة النوم.. هذه دراسات واكتشافات، لعل الأزواج يشربون من الماء الذي في بيوتهم.. فلا يقتلهم الظمأ!

تؤكد دراسة علمية أخرى أن معاشرة زوجية واحدة،تبعدك عن مراجعة الطبيب ألف يوم
وفي دراسة حديثة وجدوا أن الرجل الذي يسافر سفراً متكرراً من أجل العمل أو التجارة ، فإن احتمال أن يُصاب بأمراض القلب تنخفض جداً عندما يكون بصحبة زوجته!
واكتشفوا أيضاً أن الرجل المتزوج أكثر قدرة على التركيز والإبداع من الأعزب، وأن العالم المتزوج أكثر قدرة على الإبداع والإنتاج العلمي من العالِم الأعزب،
أيها الأحباب في الله! الكلمة الطيبة صدقة! هكذا أخبرنا النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام، هذا إذا كانت الكلمة الطيبة لشخص غريب فكيف إذا كانت لزوجة أو زوج، كم سيكون أجرها وثوابها عند الله تعالى؟! ويؤكد العلماء أن الكلمة الطيبة: الكلام المليء بالحنان والعاطفة والرفق له تأثير مذهل على كل من الزوجين، ويخفف إلى حد كبير من المشاكل بينهما. ليكم قصة واقعية أصيبت امرأة بمرض فقدت الوعي ودخلت في حالة غيبوبة، وقال الأطباء ستبقى هكذا عدة سنوات، ولكن زوجها كان يجلس كل يوم بجانبها وهو يكلمها كلاماً لطيفاً ويؤكد لها بأنه يحبها ويهتم بها ويحرص عليها، العجيب أن الزوجة الغائبة عن الوعي استعادت وعيها بشكل مفاجئ!! ووقف الأطباء مندهشين أمام هذه الحالة الفريدة التي كانوا يتوقعون لها أن تبقى هكذا عدة سنوات، ولكن الكلام الحسن له تأثيره المذهل الذي تعجز عنه وسائل الطب.
من هنا ندرك لماذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يكثر من الكلام الطيب مع زوجاته، لدرجة أن آخر وصية أوصى بها بل وختم بها وصاياه كانت من أجل أن نستوصي بالنساء خيراً، فهل هناك أعظم من هذا النبي الكريم؟
ومن آياته أن خلق ..
السكن هو سكينة النفس وطمأنينتها واستقرارها، السكن هو الحماية والأمن والسلام والراحة والسرور، فلماذا جعلت الزوجة
سكنا؟الإجابة تأتي من نفس الآية الكريمة ومن آياته أن خلق لكم ... انتبهوا إلى كلمة أزواجاً ولم يقل نساء، أي لا يتحقق إلا من علاقة زواج .فإذا لم تكن زوجته فإنه من المستحيل أن تصبح سكناً حقيقياً له ونكمل الآية الكريمة : (وجعل بينكم) أي أن الله هو الذي جعل، أي لابد أن يكون. فطالما أنه زواج فلابد أن يستمر على المودة والرحمة. هذا ضمان من الله لكل مَن أراد الزواج. فإذا أردت أن تسكن فلابد أن تتزوج. وإذا تزوجت فلابد أن تنعم بالمودة والرحمة.
وتأمل الكلمة الربانية الدقيقة (بينكم ولم يقل عز وجل: (جعل لكم وإنما بينكم. وهي تعني أنها مسألة تبادلية،مودة ورحمة إذن المودة والرحمة هما من بعض صفاته سبحانه وتعالى. ولذلك لا حدود لمعاني المودة والرحمة معناهما شيء يفوق الحب. شيء فوق الحب بمراحل كثيرة. كالمسافة بين الأرض والسماء. كالفرق بين الثرى والثريا.
والمودة هي اللين والبشاشة والمؤانسة والصفاء والرقة والتآلف، وإظهار الميل والرغبة، والتعبير عن الاشتياق،أما الرحمة فهي التسامح والمغفرة والشفقة والصبر وكظم الغيظ والسيطرة على الغضب واحتمال الأذى لماذا قال مودة ورحمة. إشارة إلى أن الزوجين سيواجهان صعوبات الحياة معاً. هناك أيام سهلة وأيام صعبة وأيام سارة وأيام محزنة. أيام يسيرة وأيام عسيرة. والمودة مطلوبة في السراء والرحمة مطلوبة في الضراء.
وبعد، فأننا نستطيع أن نقول إن فراش الزوجين عيادة طبية لكل زوجين، فيها وقاية لهما، وعلاج لأوجاعهما، شفاء لكثير من أمراضهما، فليحرصا علي ان ينظرا إليه نظرة أكثر إيجابية، وأن يتذكرا أن معاشرتهما ليست سبباً للمتعة واللذة فقط بل للصحة والشفاء والعافية أيضاً.. إضافة إلي تحصيل مرضاة الله،والفوز بجنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
وما ترك ديننا الحنيف شاردة ولا واردة إلا بينها ووضحها

محمد زراك إمام وخطيب المسجد الكبير بأولاد برحيل المغرب،